الأربعاء، 14 يناير 2009

القسم الثامن : العراصنة ومقالات أخرى

جاسم الرصيف

ــــــــــــــــــــــــــ

العراصنة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

.. ولاخطأ في ( العراصنة ) ، لأنني نحتّها من مفردتي : عرب وقراصنة ،، لمناسبة حربهم العالمية الأولى ضد قراصنة العالم الكبار في عالمنا المقرصن من قطبه الشمالي الى قطبه الجنوبي على أيادي الدول مزدوجة المعايير التي قرصنت لنفسها تسمية الدول ( دائمة العضوية ) في مجلس ( الأمن !؟ ) الدولي ، حيث قرصنت لنفسها فقط ( حقّين ) من أخطر الحقوق الدولية التي سوّغت كل مآسي الإنسانية في تأريخها الحديث مذ تأسست الأمم المتحدة وحتى اليوم ، وهما : ( حق ّ ) الفيتو ، و( حق ّ ) السيطرة على قنباص البند الحربي السابع .

حيثما تشاء ، ومتى شاءت ، تقرصن الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي ماتشاء ، عنوة أو بالترغيب ، وقد غاب ( حق ّ ) الإستعباد هذا عن منظري العبودية الذي تنشره الأمم المتحدة عبر مجلس ( أمنها ) في العصر الحديث . لاأحد ، دولة او فرد او شعب ، يستطيع مقاومة ( حق ّ ) الآلهة الخمس التي تتحكم بالعالم وفق مصالحها علنا ودون لف ولادوران ، وقدّمت دول القرصنة الدولية الكبرى للإنسانية بحارا من الدماء الإنسانية البريئة في آسيا وأفريقيا ، مرورا بالشرق الأوسط ، في الدول التي إستعمرتها ، دون ان تعتذر للشعوب التي ألحقت بها كل هذه الدمارات البشرية المخزية التي وثقها التأريخ الإنساني للدول الخمس الكبرى صاحبة ( الحق ّ ) في القرصنة الدولية .

ولو نظرنا الى خارطة ( الفيتوات ) التي استخدمت ضد شعوب آسيا وأفريقيا والشرق الأوسط لوجدناها اضعافا مضاعفة عمّا إستخدم ضدّ ما يسمى بالعالم ( المتحضر ) الخاضع لأميركا وبريطانيا وفرنسا ، اذا ما إعتبرنا الصين وروسيا من خارج هذا العالم ، الذي ( يحق ّ ) له مالايحق لغيره من حقوق بشرية . ونصيب عالمنا العربي من الفيتوات المانعة لأبسط حقوقه الإنسانية ، حق الدفاع عن أرضه ضد الإحتلالات الأجنبية ، هي الحصة الكبرى والأكثر حقارة ( أممية ) في التأريخ المعاصر من القرصنة الأميركية والبريطانية والفرنسية ، والموضوع هذا بحدّ ذاته يطول الى كتب في تحليل أسباب المعايير المزدوجة للقراصنة الكبار في عالم اليوم .

حسنا !! .

عراصنة الصومال هم حصيلة الجوع والقهر في عالم الغنى والرافاهية الذي تقوده عواصم القرصنة الدولية الكبرى ، بالتعاون مع قراصنتها في عواصم الدول الأصغر المحلّقة في ريحها . ويوم إحتلّت أميركا الصومال لم تستخدم الدول الكبرى ( حقّها ) في الفيتو ضد هذه القرصنة ، ولم يقم مجلس ( الأمن ) الدولي باستخدام حقّه الحربي في البند السابع لحماية فلسطين والصومال والعراق من قرصنة سافرة أسفرت عن قراصنة محليين يراهم المرء يسرقون كل ماتطاله أايديهم من ثروات ثلاث دول عربية في آن ، وفي أوضح أعمال القرصنة المعاصرة ،، هذا اذا تناسينا عدد الفيوات الأمريكية ضد اي قرار يمنح الفلسطينيين حقهم الطبيعي والشرعي في إستعادة بلادهم المحتلة .

بزوارق ، أراهن أنها ليست ( حديثة ) ، وأسلحة لاتقع في خانة ( متطورة ) أقلق عراصنة الصومال كل دول العالم . بضعة بنادق وقاذفات محمولة على الكتف وزوارق شبه بدائية غيّرت موازين الأمان من بحر ( العرب ) ، الذي كان للعرب ، الى مدخل البحر الأحمر ، الذي إحمر ّ خجلا من تبعيته للقرصنة الدولية الكبرى العاجزة عن حمايته وحتى قناة السويس ،، لابل وأعلنت المضبعة الخضراء في بغداد بأنها قلقة هي الأخرى من إحتمال ان تمتد العرصنة الى مضيق ( هرمز ) فتقطع رزقها !! .

الجميع مرعوب من هذه العرصنة خوفا على أموالهم ، المارّة من هناك نحو مصارف دول القرصنة الدولية الكبرى ، دون أن يفكر أحد من المرعوبين بأسباب هذه العرصنة التي إنتشرت كنتيجة طبيعية للجوع وفقدان الأمان من جرّاء القرصنة الأساسية التي شرعنتها دول القرصنة الدولية الكبرى على شكل حروب إحتلال مباشر أو حروب بالنيابة كما كما يحصل الآن في الصومال المحتلة من قبل أثيوبيا بتكليف أمريكي ، مع سكوت عربي مخز ، عن مآسي ( أولاد العم ) الذين يتضوّرون جوعا في عالم الثراء العربي والأجنبي الفاحش ،، فما الذي ينتظره العالم من جياع ؟!.

أعاد القراصنة الدوليون فلسطين والعراق والصومال الى ( العصر الحجري ) لأنهم يمتلكون ( حق الفيتو !؟ ) و( حق ّ !؟ ) إستخدام البند الحربي السابع لمجلس الأمن الدولي ،، فماعاد من بدّ لعرب هذه الدول غير إستعمال البند الأوّل من قانون الإنسانية : ردّ الصاع بصاعين وأكثر ، ووضع العرصنة حقا إنسانيا مقابلا وندّا حربيا للقرصنة الدولية التي أسست لها دول ذات معايير مزدوجة لاترحم أحدا مادام خارجا عن عرقها الجيني ، أو خارجا عن الأجندات التي تديم عجلات قرصنتها الدولية من قطب عالمنا الشمالي حتى قطبه الجنوبي ،،

مرحبا عراصنة الصومال !!.

قوّاكم الله ،، عرصنوهم ، سيفهمون أنكم أيتام في مأدبة لئام !! .

مع قراصنة الصومال

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بعد أن ضيع علينا عميد تجّار الحروب الخاسرة ، أينما ولّى المرء شطره ، معنى ومبنى الإرهاب ، يقوم في آخر أيّامة بتضييع معنى ومبنى القرصنة على كل الأجنحة . عالمان من القراصنة يحكمون عالم اليوم . قرصنة حكّام يمتلكون كل ملاعب والاعيب القرصنة ، وقرصنة لصوص لايمتلكون غير اسلحة وضمير ميّت . مايميّز الأول عن الثاني أنه يشرعن ويؤقلم كل شئ ، فيما القرصان اللص ، بدون سند حاكم ، يقبض عليه ويسجن كمجرم . دائما يفلت الأول من العقاب ، ودائما يقع الثاني في ( شر ّ أعماله ) .

حسنا !! .

شرعن القرصان الأكبر في مستهل هذا القرن ( بوش ) لنفسه حق القرصنة حول العالم ، لأنه يمتلك الأداتين معا : ضمير ميّت وسلاح ومعهما قراصنة محليين صغار ، ولم يسفر مجلس الأمن الدولي عن سيف البند الحربي السابع الشهير ضدّهم ولاضدّه ، لأنه هو من يمتلك هذا السيف بقوّة القرصنة التي جيّرت حتى قرارات هذا المجلس ، من ( أمينه ) العام نزولا الى أبسط الموظفين القادمين من بلاد القرصنة الأفريقية والآسيوية وما بينهما من أوكار عتيقة وجديدة .

ومع ان هوليود صورت ( إنتصارات ) لاوجود لها الاّ في عالم الخيال عندما قرصنت اميركا الصومال ، وسكت في حينهاالعرب كالعادة ( القديمة لحليمة ) عمّا يجري ( لأولاد عمومتهم ! ) ، كما سكت غير العرب إمّا رعبا او على رشى دسمة ، ولم تخرج اميركا من قرنها الأفريقي حتى طردها الصوماليون بقوة السلاح وقوة الفقرالمدقع ، وكأن الأقدار تسخر على طريقتها من عالمين أحدهما : الأقوى والأثرى مهزوما بامتياز منسي أمام الأضعف والأفقر : الصومال ، تلك الدولة العربية التي يكاد ينساها معظم العرب في غبارات حاجاتها الأزلية للطعام والكساء والأمان من القراصنة كبارا وصغارا .

واذا كانت أكبر هزيمة منسية لسيّد القراصنة الدوليين ( بوش ) في حربه الفاشلة التي عزّزت الإرهاب بالإرهاب هي الصومال ، التي لم يتجرأ على الإقتراب منها ثانية الإ بتوكيل أثيوبيا وبعض الدول العربية ، كالعادة القديمة في سلوك حليمة ، فقد غزا القراصنة الصومال من كل صوب وحدب فصار صومالات ، كما هو حال العراق ، وتوالدت أوكار الفقر فيه ، وتكاثر الجياع على أعتاب القراصنة الشرعيين الكبار الذين يزدادون غنى وشبعا فيما يزداد الصومال فقرا وتمزقا حتى وصل أبناؤه الى يقين الإمام علي بن طالب رضي الله عنه في مقولته : ( لو كان الفقر رجلا لقتلته ) !! .

ويقين الصوماليين ، قراصنة وغير قراصنة ، ينعقد عند أبواب من لم يفتح لهم أبواب الشبع والسلام من المقتدرين : كل الدول ، عربية وغير عربية ، وكلها قادرة على ان تغيث ولو ( بشق التمرة ) المعروف ، ولكن الجميع يتغافل عن جثث المهاجرين الصوماليين ممّن يموتون جوعا على الأراضي الأفريقية ، أو بحار الهجرة نحو الدول العربية وغيرها ، وكأنها ليست جثثا بشرة، بل مجرد جثث مصابة بأنفلونزا الطيور يجب ان تدفن مع حكاياتها بأسرع وقت ، لئلا يفطن العالم ، ومنه العربي ، لما يجري باسم يعرب من بعض آل يعرب الأثرياء و( الفقراء ) ، ممّن ربطوا أمعاءهم بمصل القرصنة الأمريكية ، معا .

من يلقي اللوم على جياع الصومال لأنهم ( أقلقوا ! ) العالم بقصرنتهم في البحر ، من جرّاء تراكم مآسيهم التي صنعتها أوكار قرصنة دولية ، عليه ان يتذكر ان شرعنة هذه القرصنة الصومالية قائمة على أصلها : القرصنة الدولية التي تمتلك كل أسباب الغنى والإمكانيات لسدّ حاجات الشعوب الفقيرة، واذا كانت القرصنة الدولية تشرعن إحتلال دول كفلسطين والعراق ، وهي الأقوى والأثرى والأكثر شبعا ، فعلام تشكو هزيمتها وذلّها أمام قرصنة جياع لايمثلون غير أنفسهم ؟!.

عربنا الغاضبون من عرب الصومال القراصنة ، وبعضهم يضع كل أحلامه وأمواله في خزائن دول القرصنة الغربية الكبرى ، قادرون على توفير اموال الحرب ضد القراصنة الصوماليين ( وسحب بساط شرعيتهم ) من خلال رفضهم : اولا للقرصنة الدولية التي شرعنت احتلال فلسطين والعراق والصومال نفسها ، وثانيا بدفع الزكاة من اكثر من ثلاثة ترليوانات دولار ( لذوي القربى ) مودعة في مخيم مضاربات شارع وول ستريت . وثمة هامش يشير الى أنها خسرت اكثر من ( 400 ) مليار دولار في الأزمة المالية الأخيرة وخلال ثوان .

بعض من عربنا الشبعانين أودع ماله في خزائن القراصنة الدولين ، الشرعيين بقوة سلاحهم وموت ضميرهم فقط ، وبعض عربنا من الجأته حاجته المادية للسكوت عن قرصنة تاجر الحرب ( بوش ) ، وكلهم يجد لنفسه عذرا بهذه الحاجة للسكوت عمّا يجري لأهله العرب ، فعلام يغضبون ممّن خرج ( ليقتل فقره ) بقرصنة صومالية ؟! .

لو كنت من الصومال لقرأتم اسمي بين قراصنتها .

حوار المتحامقين

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

قد تشفع الحماقة لأصحابها إذا كانوا من العابرين على هذا العالم دون ترك أثر ، ولكنها ، وراثية أم مصطنعة ، لها وقع وتأثير الكارثة البشرية إذا كان صاحبها مثلا ، رئيس أقوى دولة في العالم ، مثل عميد تجّار الحروب الخاسرة ( بوش ) الراحل عن بيته الأبيض الملطّخ بدماء العراقيين الأبرياء ، بعد ان دخل التأريخ من أكثر من باب ، ومنها أنه الرئيس الأكثر إستقبالا بالبيض الفاسد من معظم شعوب الأرض ، والرئيس الذي أنزل هيبة أميركا الى مستوى العجز عن التصدي لقراصنة .. الصومال !! .

بوش وفي معرض تنطعّاته الأخيرة ، على مستويين زمنيين في آن ، يحاول ان يسوّق بعضا مما تبقى من سمعته أمام ( عطّارين ) يعرفون أن ( الدهر أفسدها ) وماعاد لها من علاج ، كما يعرف هو بذلك بكل تأكيد ، عندما حظر ( حوار الأديان ) ، ولكنه ، كالعادة ، تعاطى حماقة التعبير مرة أخرى عندما ذكر ان : توفير الحرية الدينية ( جزء مهم من السياسة الخارجية الأمريكية ) ، ولم يسأله احد من الضيوف ، ولا غير الضيوف ، عن فائدة إنسان نال حريته الدينية ولكنه قتل بسبب أجندات الحماقة في ( السياسة الخارجية ) التي ارتكبها المتحدث !! .

وأكّد حماقته ، على طريقة المجانين الذين يظنون أنهم ( العقلاء ) وان من يسكنون خارج مشفاهم هم المجانين ، في إستشهاده بما جنت يداه ضد المسلمين في إدعاء : ( حماية المسلمين في بلدان مثل كوسوفو والعراق وأفغانستان ) ، ومرّت مفرداته على ( العطّارين ) دون بيضة فاسدة ، ممّن يجاملون في قاعة الإجتماع محتضرا ، وعلى حقيقة أنه ( حمى المسلمين ) حقا من تقلبات الأنواء الجوية وظروف المعيشة وذلك بدفنهم ، وبالملايين ، في حروبه الحمقاء الخارجة على كل القيم .

طريف المتحاورين أنهم أجمعوا على ان ( الإرهاب والإجرام ) هما عدوّان لكل دين وكل حضارة ، ولاخلاف بين ( عطّارين ) ، ولا البشرية كلها ،على ذلك ، ولكن ( الإجماع ) جاء على ذات مستوى الوعي عند من أقاموا في ذات المشفى ، وعلى دلالة وجود جملة من صنّاع ( الإرهاب والإجرام ) الدولي خلف ذات المنبر تريد ان ( تحارب ) الآخرين تحت راية ( ان لم تكن معنا فأنت عدوّنا ) التي رفعها بوش راية حماقة تأريخية لايمكن أن تمّحى حتى تمّحي معالم آخر قبر من ضحاياه من المسلمين حول العالم .

لا أريد أن أخوض في معمعة الإنتقادات والفجائع التأريخية التي صنعها الحاضرون لوضع الأديان على مسطرتهم ، والتي ذكرتها وسائل الإعلام ومنظمات حقوق الإنسان حين إنعقد إجتماع العطّارين العاجزين عن اصلاح ما خرّبوه بأنفسهم وجنوا لأنفسهم ما نراه ، ولا أريد ان أسأل عن حقوق ( 1.5 ) مليون مسلم في قطاع غزّة المحاصر ، وحقوق بقية المسلمين في العراق وأفغانستان والصومال ، ممن لم يحملوا سلاحا ضد أحد ، ولكن الأسلحة الأمريكية تحصدهم دون رحمة من أي عطّار يريد ان ( يصلح ) دهرا خرّبه بنفسه ،، ولكن مفردة ( الحماية ) التي تباهى ( بوش ) بها فجّرت في ذاكرتي كل المباني والمعاني بمجانيّتها وفي كل لغات الأرض .

عن أية حماية يتحدث هذا الأحمق ؟! .

أعن اكثر من مليون قتيل واكثر من ستة ملايين عراقي عربي ( حماهم ) بدفنهم إمّا في قبور أو خيام هجرة من خلال إرهاب سياسته الخارجية ؟! . أم عن ( حماية بالمشمش ) قدّمها لملايين من الفلسطينين الأبرياء الذين سجنوا في بلدهم منذ ستين عاما ، منها ثمان سنوات في عهده تاجرا للدماء والحروب ، وعلى غفلة فلسطينيين صدّقوا وعد أحمق وركضوا خلفه ؟! . أم عن ( حماية ) قدّمها لمسلمي الصومال الذي تشرذم الى صومالات وموانئ قراصنة جياع ؟! .

تبادلوا أنخاب خداع الأديان علنا ، وشكرا لهم ، ولم يقلقهم أحد عمّا إرتكبوه هم بحق كل الأديان ، ولكن السؤال يبقى : لو أنكم جنّبتمونا الحروب التي صنعتموها لنا لصدقنا أنكم قد فعلتم شيئا لهذه الإنسانية المظلومة بكم ، ولو أنكم قادرين فعلا على مكافحة الإرهاب والجريمة فكافحوا الأوكار التي تمولونها وتتعاطى الإرهاب والجريمة ، دوليا ومحليا ، فهل تفعلون ؟! .

علام أنتم غاضبون ؟!

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

في خضم ّ المقالات الغاضبة وسيلها المتدفق من الكتّاب والكاتبات المعارضين لإحتلال العراق ، عربا وعراقيين ، يتلمّس المرء ،، فضلا عن الرفض غير المحدود لإتفاقية الإنتداب الأمنية التي وقعتها حكومة المضبعة الخضراء وبرلمانها ،، ما يشبه ( خيبة أمل ) من قرار البرلمان ، وكأنه ( الساتر الدفاعي الأخير ) من سواتر الوطنية الذي يسقط في ساحة الدفاع عن عراق مستقل ، وتلك ( الخيبة ) هي من أخطر أمراض الثقافة الوطنية على جملة من الحدود :

أوّل هذه الحدود :

من المتفق عليه بين كل الكتّاب المؤمنين بحق الشعوب المحتلة في الدفاع عن نفسها ضد إحتلال أجنبي هو رفض الإحتلال وتبعاته ، أيا كانت ، لأنه باطل يؤسس لباطل ، ومن ثم فكل مايصدر عنه يعد لاغيا كنتيجة حال زوال الإحتلال كسبب . ويبدو ان بعض كتابنا ، نسي في سورة غضبه تلك الحقيقة وراهن ضمنا أن المضبعة ( ستأكل جرائها ) ، وفي حقيقة الأمر أنها لاتأكل لحم بعضها ، لأنها تعرف أنه مسموم أصلا بتعدد الولاءات والتبعيات غير العراقية .

وثاني هذه الحدود :

ان اغلبية الذين يشرّعون الآن للعراق من تحت قباب المضبعة الخضراء هم من مرتزقة العجوز المهزوم ( رامسفيلد ) القادمين على دبابات الإحتلال ، على شكل حصان ( طروادة ) العراقي ، وقد برمجوا أصلا منذ ماقبل الإحتلال على حل ّ الإنتداب الحالي ، تحت مسمّى ( اتفاقية أمنية ) ، لشرعنة جريمة الإحتلال بالتدريج ، ونجحوا في زرع الوهم لدى البعض انهم يمتلكون ( وطنية ما ) ، أثبتت الأيام ان عقد الأمل عليها هو مجرّد وهم جماعي نراه في ظاهرة إقبال بعض العراقيين على صناديق إقتراع يعرفون أن نتائجها ستخضع للتزوير لامحالة .

وثالث الحدود الخطيرة هو :

هي سهولة إنجرار العرب بشكل عام ، وعرب العراق بشكل خاص ، لطيبة في السجية ، ربّما ، ولحماقة أحيانا ، في تصديق الأجانب ــ ومنهم مزدوجي الجنسيات القادمين مع دبابات الإحتلال ــ انهم ( سيغيّرون ) اتجاه الحال الى ما هو أفضل ، وأنهم ( بناة ) ينبغي ان نسهل لهم طيب الإقامة والأمان ،، ولكنهم ، وكما تؤكد كل تواريخ الشعوب المحتلة يأتون ( فاتحين ) لتفريخ مستعمرين ، تتطور اساليبهم وفق تطورات العصر الذي يرتكبون جرائمهم فيه ،، وعلى دلالة الإنحراف الحاد في آراء وكتابات كثرة من الكتاب العرب ، عراقيين وغير عراقيين ، ممّن صفقوا للإحتلال ثم إكتشفوا أنهم صفقوا ، وكما اي طيب مخدوع ، لمجرد مجرمين .

رابع الحدود :

وكأي عالم شرقي ، مازال يعيش في احلام يقظته ، أحبطت احلام يقظة البسطاء من الناس العراقيين من موافقة البرلمان الذي ( تخيّلوا ) أنه ( وطني ) ، كما يسمّي نفسه ، وجرّت آلام هؤلاء كتابنا الى إجترار أزمة الوعي هذه في كتاباتهم عن الحكومة والبرلمان وبعض شخصيات الطوائف السياسية ، وكأن هذه الأركان كان يرتجى منها ولو بضعة من ( خير ) ، ولكنها ( خيبت الأمل ) ، إمّا عن خطأ في التقدير أو عن ( ضغط ) محلي او اجنبي ، ( يستحقون ) التسامح عنه ، وفي كل هذا لايجد المرء الواعي شيئا يمكن ان يسمّى : الوطن ، او العراق ، لأن كل هذه المسمّيات التي ( خيّبت الظن ) هي اصلا ليست عراقية ، حتى لو إعتمرت ملابس ولهجة العراق .

خامس أخطر هذه الحدود هو :

سقوط عجيب لكثرة من العراقيين ، ومنهم كتّاب ، في فخ ( الضدّ النوعي ) الذي زرعته الإحتلالات المركبة في العراق ، فنرى ونقرأ متحمسا في الرهان على هذا الطرف الشيعي ضد ذاك الطرف الشيعي ، وكذلك الحال لدى العرب السنّة ،، وكأن الجميع يحارب الجميع تحت قباب الإحتلالات ، و ( سوناراتها ) كاشفة عري الجميع ،، فصار ما يجري هناك هو لافت النظر والسمع الوحيد دون أصل الجميع : العراق الواحد أرضا وشعبا ، النقيض الحقيقي للطائفية السياسية ، والجامع الأوحد الذي تفرض قدسيته على الجميع احترام الجميع بحرية تامة واستقلال وطني حقيقي . معمعة ( الضد النوعي ) غيّبت العراق وقدّمت الأحزاب السياسية المشاركة في العملية السياسية بديلا ، لايمكن وتحت كل الظروف تسميته ( وطنيا ) لأنه صنيعة إحتلال ، كل من راهن على ( وطنيتها ) خاسر أكيد .

ثمة سؤال يطرح نفسه على من راهنوا على جدوى المشاركة في العملية السياسية تحت ذريعة ( تغيير ) أجندات الإحتلال من خلال هذه المشاركة ، وجها لوجه ، وبعد ان إقتربت نهاية السنة السادسة من عمر الغزو غير الأخلاقي : ماذا غيّرتم من هذه أجندات تمزيق هذا البلد زنهب ثرواته المنظم وغير المنظم عند نصيبات قبور مليون واوتاد خيام ستة ملايين مهاجر ومهجر عراقي ؟! .

قد يقولون ( حمينا ) السنة من الشيعة أو حمينا الشيعة من السنة ، او حمينا الجميع من بطش قوات الإحتلال ، ولكن الواقع المر ّ يقول هذا : كذب تنفيه شوارع وأزقة العراق كلّها ، لم تحموا حتى أنفسكم . فعلام إذن وضعنا في هؤلاء بعض الرجاء والأمل وأصبنا ( بخيبة أمل ) لأنهم وافقوا على بيع العراق اذا كنا نعرف كل ماتقدم عنهم ؟! . تعرفون أنهم عملاء صغار ،

فلماذا تغضبون من أعدائكم عن فعل عدائي مبرر ومرسوم لهم منذ ماقبل الإحتلال ؟! .

مصدّ الأحذية

ـــــــــــــــــــــــــ

من البديهيات في عالم العمالة أن يوظّف رب ّ العمل أحدا ، تخلّى كل كل القيم ، ليحميه إمّا يتوفير المعلومات عمّن يعتبرهم رب ّ العمل أعداء له ، حتى لو كانوا من ذوي المرتزق فاقد القيم نفسه ، أو ليحمل السلاح دفاعا عمّن إستأجره ضد أيا كان ، حتى لو كان من ذوي حامل السلاح الأجير ،، ويوجز الحالتين مايراه المراقب في عراق اليوم ، حيث تتألق الحالتان في حلّة المضبعة الخضراء على أوضح الصور .

قبيل غزو العراق درّبت إدارة عميد تجار الحروب الخاسرة ، مجرم الحرب بوش ، عراقيين وايرانيين واكرادا من الفئتين المذكورتين في معسكرات في اوربا لأداء وظيفة مصدات محلية إستصحبتها على دباباتها الغازية ، و ( أبدعت ) هذه المصدات في أداء دور ( حصان طروادة ) العراقي حتى وصلت بغداد ، وروّجت ( لديمقراطية ) ولحياة ( سعيدة ) ستكون ( مثالا ) في الشرق الأوسط ، حتى ان بعضهم ( بشّرنا ) بيابان جديدة تبين فيما بعد أنها هيروشيما بثوب ووجه جديد في مستهل هذا القرن .

ومع ان هذه المصدات إتسعت ، وازداد ( حصان طروادة ) سمنة من علف العراق ، حتى أن نوري المالكي تباهى قبل أيام بأن عديدها تجاوز المليون ، ومع عديد قوات الغزو الأجنبي المسلحة وغير المسلحة صار عديدها اكثر من مليون ونصف ، الا ّ أنه وثق صراحة بتباهيه هذا أبشع نسبة من رجال الأمن المسلحين قياسا الى عدد المواطنين العزل من السلاح ، في أبشع دكتاتوريات الأرض ، تكاد تصل رجل أمن مسلح واحد لكل ( 20 ) مواطن ، حتى لو كان طفلا رضيعا ، ولكن كل هذه المصدات الماشرة وغير المباشرة عجزت عن حماية المضبعة الخضراء من المدّ الوطني الرافض للإحتلال وتبعاته .

حسنا !! .

هل رأيتم نوري المالكي في لحظة إطلاق فردة الحذاء الثانية نحو مجرم الحرب بوش ؟!. حاول الرجل بكل أمانة صد ّ فردة الحذاء . تلقفها بحذاقة لاعب ماهر ، جيّد التدريب ، وجيّد الأداء ، ووضعها كأي مستمسك ( إرهابي ) هام على المنصّة ، لذا ذكر بوش أن القذيفة : عراقية وطنية من عيار ( 44 ) عابر للقارات، معنى ومبنى ، او نمرة ( 10 ) تدمير شامل هادر للعنجهيات ،، ومن هنا إستعادت ( القنادر ) أبّهتها مع بعض معانيها ووظائفها المنسية ، وهي تقذف ، وهي تصد ، عبراعلام ووعي العالم كله .

أدّى نوري المالكي واجبه ، إذن ، كمصد أحذية عراقية بإمتياز يحمد عليه أمريكيا ، وفاء عمّا أتاحه له رب ّ عمله الآيل نحو نهاية خدمته ، بعد أيام ، في زيارته ( الوداعية ) المفاجئة الأخيرة التي نال فيها أكبر مفاجأة تأريخية ، لن ينساها حتى في قبره لأن التأريخ لن ينساها قط ، مثل حذاء خروتشوف ، او حذاء أبو القاسم الطنبوري في حكاياتنا الشعبية ،، ولكن نوري المالكي لم يتلق حمدا من شريف عراقي واحد ، مذ جاء على دبابة غزو اجنبية حتى اليوم ،، ولكأني بقبيلة بني مالك العربية أصيب بكارثة تأريخية فيمن يستعير اسمها لقب خيانة له وحده .

وأراهن أن جلال الطالباني والحكيم والهاشمي والبرزاني والمشهداني والدليمي ، وكل اصحاب الصحوة والغفوة ، ومن معهم في المضبعة الخضراء ، قد حسدوا نوري على براعته وجودة أدائه لواجبه الإرتزاقي كمصد أحذية ذودا عن ( المحرر ) ، ( هدية الله ) ، كما يقول الطالباني ،، وقد تحل بالمسكين نائبة من شدّة الحسد من رفاقه في سلاح مصدّات الأحذية ،،

ولكن رهاني أن المفارقة الكبرى قد وقعت بين الورود التي رشها سلاح مصدات الأحذية على أحذية الجنود الغزاة يوم وصلوا العراق ، في مبناها ومعناها ، وبين مبنى ومعنى قصف منتظر الزيدي لمجرم الحرب بوش بفردتي حذائه ، وفي زيارته الوداعية المفاجئة الأخيرة ، وبعد اكثر من خمس سنوات من عمر الإحتلال ،، لأن التأريخ سيقارن من المبنيين والمعنيين ، بين مصد أحذية ، وبين قاذف حذاء .

يقول المنطق : لاتقف بين الرامي والهدف .

ويقول عراقيو اليوم : لاتقف بين ( القندرة ) والهدف .

إستقبلوه بالورود وودّعناه بالأحذية

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

للتأريخ مفاجآته أيضا !! .

.. حبك تجار الحروب مكيدة غزو العراق على جملة من الأكاذيب والتفيقات وثقتها كل شعوب الأرض في حينها ، وماظهر منها أقل مما بطن ، وأعلنت شيعة ( اطلاعات ) ومعها أكراد العزبة ( كوندي ) ومعهم سنة بوش ، أنهم سيستقبلون قوات الغزو بالورود ، وفعلوا ذلك حقا فرحين بغزو سمّوه تحريرا ، وتدمير شامل سمّوه ( ديمقراطية ) وكأن معاني ومباني الكلمات أصابها جنون بقر فريد .

ورغم زيف مايعلن عن إنتخابات ، وأكثرية وأقلية وصراعات وهمية بين شيعة وسنة ، ورغم حقيقة مكشوفة لكل هذا العالم في ان كل الحكومات التي نصبتها قوات الإحتلال عاجزة عن التجوال بين من يفترض أنه ( شعبها ) وأنهم الأفراد الذين إنتخبوها ، ورغم أهزوجة العراقي الجنوبي الشهيرة ( قشمرتنا المرجعية وإنتخبنا السرسرية ) ، تقابلها ثورة الفلوجة وإمتداداتها على ( مثلث الموت ) للغزاة ، مازال بعض عربنا ينداح صوب المضبعة الخضراء مندفعا برياح مجرم الحرب بوش .

واذا كان العجيب الغريب في عالم الفضيلة الإنسانية أن بوش نفسه قد إعترف ، صادقا أو كاذبا ، بأن المعلومات التي سوّغت له غزو العراق ( خاطئة ) ، وأنه قد إعتذر بطريقة ما عمّا إرتكب من مجازر ضد البشرية في حربه ضد الشعب العراقي ، يبقى الأعجب والأغرب : أننا لم نسمع ، ولحدّ الآن ، من الحكام العرب الذين شاركوا بوش في خطيئته أي إعتذار ،، ناهيكم أننا نراهن على عدم تقديم أي إعتذار من مجرمي الحرب الصغار الذين مازالوا يدعون أنهم ( عراقيين ) سكنوا المضبعة الخضراء كمصدات أحذية عن قوات الإحتلال .

وفيما تقترب السنة السادسة من عمر الإحتلال نهايتها ، تتجلّى السخرية ، بل الدونية بين محتل وعميل لمحتل ، في فبركة إستقرار الأمن في العراق ، وكأن الأمن هنا لايعني ولايخص غير أمن قوات الإحتلال الأمريكية ، التي لجأت الى معسكراتها قبيل الإنتخابات الأمريكية وحتى هذه الأيام لتقليل خسائرها البشرية من خلال تقليل فعالياتها العسكرية ، ( فإستقر الأمن في العراق ؟! ) ،، أمّا خسائر القوات المحلية الرديفة لهذا الإحتلال فتبدو للمراقب كأنها ليست خسائر ، وكأن هذه القوات خارج لعبة الأمن ، بل وخارج التصنيف البشري حتى ، وهذا من مضحكات الوضع في العراق وتوظيف المفردات .

عندما يجد أعزل نفسه أمام مسلحين مسعورين يهتكون حرمة بيته على حين غرّة لاتسعه غير طاعتهم حفاظا على حياته ، وحياة عائلته ، ولكن هل نجح هؤلاء في نزع مايفكر به الأعزل بأنه قد أهين وأذل ّ ؟! هل تمنع إقوى الأسلحة في العالم مواطنا يرى بلده محتلا من التفكير بمقاومة من إحتلّه بقوّة التخلّي عن القيم والأخلاق ؟! الجواب معروف ، وبديهي ، ( لا !! ) ، طويلة عريضة فاعلة في عالم إبتكار كل أنواع المقاومة ، ومن هنا جاء السبب الذي جعل ( البنتاغون ) يصرف لعملاء إعلامه ( 300 ) مليون دولار ، سبقتها مئات الملايين من الدولارات في السنوات السابقة ، لعلها تنجح في غزو وعي العراقيين ، بعد أن ثبت وبالقاطع الملموس فشل الغزو المسلح .

على مدى السنوات الماضية جرت المباراة المسلحة بين قوى الإحتلال وقوى المقاومة الوطنية العراقية ، واذا كانت الحروب تعد فاشلة أو ناجحة من خلال محصلة مجموع معاركها التي صبّت في حسابات طرفين متعاديين ، فمن الثابت الواضح أن محصلة هذا الغزو إنتهت بإنتصار ( حفاة عراة ) المقاومة الوطنية العراقية ، منذ صدور تقرير ( بيكر – هاملتون ) ، وحتى إصرار الحزب الديمقراطي الأمريكي على سحب القوات الأمريكية من العراق ، سواء بموجب إتفاقية أمنية أو بدون إتفاقية حتى ، لأن ( الأغنى والأقوى ) ماعاد يتحمّل الخسائر التي ألحقها به الطرف الأفقر ، الذي يفترض أنه ( الأضعف ) عسكريا ، ولكنه أثبت أنه الأقوى بفعل الإرادة الوطنية الرافضة للإحتلال .

طيّب !! .

إستقبلت قوات ( اطلاعات ) الأيرانية ، من حزبي الحكيم والدعوة ، والمراجع الدينية الفارسية الأصل ، ومعها أكراد العازبة ( كوندي ) ، وذيلهم من سنّة بوش ، قوات الغزو بالورود سنة 2003 ، وهللت وطبّلت لذلك ميليشيات صحوات وميليشيات غفوات وفرق موت ، وقبيل ان تنتهي سنة 2008 ودّعهم بغتة ، في ( غزوة الحذاء ) ، نيابة عن أهله العراقيين ( منتظر الزيدي ) بالأحذية ،،

ومع أن الأحذية لايمكن أن تعدّ قانونيا من ( أسلحة ) التدمير الشامل التي سوّغت غزو العراق ، ولكن ثبت بالقاطع الملموس أن هذا الحذاء العراقي قد مسح كل ( أمجاد ) الغزاة وعملائهم بضربتين غيرتا وجه الإعلام في العالم كلّه ،، وكأن الحذاء العراقي صار أول سلاح في تأريخ الإنسانية يمتلك القدرة على مسح تأريخ ( 48 ) دولة غزت العراق من ( كبير ) رؤسائها ووزراء دفاعاتها وجيوشها ومخابراتها الى جميع عملائهم الدوليين والمحليين .

( فوبيا ) الخيانة

ــــــــــــــــــــــــــ

لن يحرم المتابع لنشاطات روّاد حانة المضبعة الخضراء من متعة الضحك على مرضى ( المؤامرة والمؤامرة المضادة ) ، التي يسمّونها مرة إنقلابات ومرة فتنة طائفية ، أو حرب قوميات ، طريفها : يقين جميع روّاد الحانة من حقيقة بشرية تفيد أن : من يخون بلده وشعبه مقابل مال أو منصب مستعد لخيانة أقرب الحلفاء اليه في ذات الحانة ، التي ماجمعت غير خونة وأرباب عملهم ، أيا كانت درجات الإئتلاف والإتحاد والتوافق التي يسيّرون أعمالهم بها .

وقد يذهب البعض الى قرين : حقيقة ( ما يبنى على باطل فهو باطل ) في أمر هؤلاء ، فيجد أن ما يوصّف الحال هو : ( مايبنى على خيانة آخره خيانة ) ، فتتضح مبررات كل الإنقسامات والإنشقاقات ، وتقلبات التحالفات الجديدة والقديمة ، بين هؤلاء ، وكلها اساليب دفاعية للنجاة من خيانة متوقعة ممن إنشقوا أو تخيّطوا في ذات الحانة ، عندئذ لا يجد المتابع أحدا من هؤلاء يطيق فراق مائدة المقبّلات التي رصفها صاحب الحانة لضباعه على الظن والوهم أنها ( مجانية ) ، ( بوفيه ) ، ولكنها في حقيقة الأمر من لحم ودم العراقيين الذي أدمنوه .

إدارة الإحتلال نجحت والى حد بعيد في زرع ( فوبيا الخيانة ) في نفوس عملائها ، وبالمقابل نجحت في جعل هؤلاء يوقنون الا ّ منقذ ولاملاذ لهم غير تلك الحانة المحاصرة بالعراقيين الرافضين لها ، حتى أن محمود المشهداني ، الذي طرد من باب البرلمان العراقي عنوة ، اعلن انه يخطط للعودة من شبّاك مائدة المقبلات هناك عاجلا ، مع انه اعترف مرات بعمالته وعمالة برلمانه ، وشكا مرات ومرات من كلاب صاحب الحانة التي تتشمّم كل عميل يوميا خوفا من ( خيانة ) محتملة ، فضلا عن الكشوفات ( السونارية ) المخزية التي يتعرضون لها رجالا ونساء هناك .

واذا كان من مضحكات ( فوبيا الخيانة ) في عراق اليوم الجديد ان موظفي معظم الوزارات ( العراقية ) لم يروا وجوه وزرائهم الا من خلال وسائل الإعلام ، لأن هؤلاء لم يزوروا وزاراتهم غير مرة واحدة ، أو إثنتين في كل عام ، خوفا ورعبا من موظفيهم ، ويديرون وزاراتهم من حانة المضبعة الخضراء بالهاتف ، بل أن بعضهم بات يدير وزارته من خارج العراق ، لإشتداد وطأة هاجس الخيانة على مفاصل وعيه ، فمن الأكثر إضحاكا أن هؤلاء لايثقون الا بمن نال ( صك غفران ) امريكي او ايراني او من ذيل الطرفين الكوندي ، وحتى من نال مثل هذا الصك يبقى مشكوكا به على خيانة مفترضة قادمة آجلا أم عاجلا .

وتنتفخ شراعات الخيانة الأقليمية عند ضباع الحانة عادة بكل ريح قادمة من واشنطن أو طهران ، على طول وعرض جهات البنتاغون واعلام الملالي المعمّم ، وبما يفسر ( المعجزة ) التي تحدث عنها ( نجاد ) قبل اشهر ، اذا ليس من السهل على الإطلاق على ( مسؤولين ) أن يؤدّوا دور متعادين ، أمام شعوب الأرض ، وهم حلفاء يأكلون من لحم ذات الفريسة التي وقعت بن مخالبهم ، فيراهم المرء مرة يهاجمون هذا الطرف ومرة يهادنونه ، وكأن إنقلابا ب ( 180 ) درجة قد حصل ، ليس وفق مصالح العراق قطعا ، بل وفق مصالح الإدارة المشتركة في حانة المضبعة الخضراء وروّادها من أمريكان وأيرانيين وكوند .

على ان الأكثر طرافة في عالم ( الفوبيا ) العراقي هذا هو ما أثارته ( قندرة ) منتظر الزيدي ، التي إختلف فقهاء البرلمان العراقي في إتخاذ موقف جلي وواضح منها ، ولم يختلفوا طبعا وطبعا على عمالتهم التي اعلنها محمود المشهداني مرات ومرات ، والإختلاف جاء جوابا عن سؤال :

أي دور يمثلون أمام الشعب العراقي ؟!

أيؤيدون ( القندرة ) أم يرفضونها ؟!

وفي آخر المحصلات أنهم ، ووفق يقينهم ويقيننا ، قد خسروا الشعب العراقي في هذه الجولة ، فضلوا ربح رواتبهم كنواب ، أو كدوّاب ، كما يحلو للعراقيين وصفهم ، على هذه التجارة الوطنية البائرة ماليا ، لأنهم على يقين من ( الخيانة ) جاهزة لكنسهم جميعا بضربة واحدة من صاحب الحانة وشيطانها الأكبر حليف معممّي محور الشر وحاضنة الشرق الوسخ الجديد في شمال العراق .

محمود المشهداني ، لم يعد محمودا كرئيس برلمان ، وهو ليس أوّل القرفين من هذه الشيزوفرينا المرضية ، ولن يكون الأخير، فها هو برهم صالح ، وبطرقة أخرى وشكل آخر ، يحذر من فتنة قومية : بين العرب والأكراد ، أظرف ما في مبناها ومعناها معا أنه : هو واحد من أسسوا لتفجيرها في ذات الحانة ، مع جلال الطالباني ومسعود البرزاني ، مما يذكرنا بذلك الطفل الذي صنع لنفسه إفعى من من طين ثم فر ّ مرعوبا منها !! .

ولكن وبكل بساطة لايجد المتابع مثل هذه الفتنة ، الخيانة ، خارج المضبعة الخضراء ، لأن عرب واكراد العراق غير المصابين بمرض ( فوبيا الخيانة ) ، ممّن لم يستقبلوا الغزاة ( بالورود ) ولا يرون في ( بوش ) ( هدية من الله ) للخونة حسب ، لن يقاتلوا بعضهم بعضا قطعا ، بل سيقاتلون من خانهم جميعا لمجرد مال أو منصب ، ويبقى السؤال الدائم على مسرح حانة المضبعة الخضراء :

من سيخون من يخون في عالم الخونة ؟! .

جمرة إسرائيل ..

( دائما ) بأيادي العرب ؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تبنى حالات الصراع المصيري على : وعي وإرادة وإمكانيات لايمكن للحكام العرب إدّعاء إمتلاكها كاملة في صراعهم مع إسرائيل ،، واذا ماركنّا جانبا قواميس الإحتجاجات والإستنكارات التي دبّجتها حكوماتنا العربية وجامعتها العتيدة منذ عقود ضد هذا الكيان الذي فرضته بريطانيا على العرب ، بالتعاون مع بعض العرب ، نجد أننا لم نقدم لهذه الأمة ، ومنها فلسطين ومن بعدها العراق ، ما يستحق الذكر غير تبرعات خيام وبطانيات طوارئ وما لاتتذكره المعدة من طعام رافقه طعم كارثة بين كارثة وكارثة .

واذا كان الوعي العربي ، الرسمي وليس الشعبي ، في هذا الصراع يؤشر مآخذ مضحكة مبكية عن ( حسن نيّة ) البعض ، مغشوشا ، في الفصل بين إحتلال فلسطين ثم إحتلال العراق ، وظلامية تأسيس إجرامي لهذا الفصل تؤكد خيانة قدر الله في خلقنا عربا ، من خلال ممالأة البعض الأخير لإسرائيل ومن يساندها ، فهذا هو المبكي في حالنا من قلّة شاء لها الله ان تتولى أمور أكثرية لاذنب لها في كل هذا الذل ّ الذي نراه عدا إستعارة إسم ( العرب ) لذل ّ لم يصنعه خلّص العرب .

واهم ، أو مهزوم طوعا ، من لايرى في تدمير فلسطين والعراق خدمة مباشرة لإسرائيل ،، وأكثر من واهم ، وأذل ّ من مهزوم ، من لايرى في هذه الأمة إرادة قادرة على قلب الحال الى عكسه تماما لو أطلقت أيادي الأكثرية العربية من أجل التغيير ،، وأردأ من أحمق ، وأكثر دونية من إمّعة ، من يتجاهل كل هذه الإمكانيات المادية المتاحة للعرب لتحرير فلسطين والعراق ،، وهذه توصيفات خارجة عن الإنشاء اذا ماركنّا ذريعة عدم إمتلاكنا للسلاح المكافئ لسلاح اسرائيل وحلفائها ، لأننا نمتلك أكثر من كل يمتلكونه بكل تأكيد .

ولن اتحدث عن فارق القوى البشرية وهو الأخطر في كل الحسابات ، ولكن مثالا من التأريخ القريب للعرب قد يغني عن مئات الأمثلة عندما قام المرحوم الملك فيصل في حرب حزيران عان 1967 بقطع إمدادات النفط عن أميركا ، الظهيرة الأبدية لإسرائيل ، فتوقف الحرب خلال ساعات قليلة ، لأن الشعب الأمريكي غير مستعد لتحمل مثل هذه المقاطعة قطعا وقطعا ،، وليتخيّل القارئ العربي أن الدول العربية قد قامت بهذه ( الحرب ) السلمية : مقاطعة أميركا وأوربا في كل المناحي ! . أراهن أن مظاهرات أمريكية وأوربية ستخرج في كل شارع لترفع شعارات التخلي الفوري عن إسرائيل والرحيل الفوري من العراق .

الحكام العرب يعون جيدا حقيقة الباطل الذي سوّغ إحتلال فلسطين ، وكل تفاصيل الباطل الذي سوّغ إحتلال العراق ، كما يعرفون جيدا تفاصيل جرائم الحرب التي توالت منذ عقود ضد من آخاهم الله معهم في قدر الولادة عربا في فلسطين والعراق في آن ، ولكنهم لايريدون لوعيهم هذا أن يوظف لمساندة إخوتهم في هذين لبلدين بالحق من أجل الحق ،، واذا كان حكامنا معذورين من جهة ( قلّة السلاح ) ، أو عدم كفاءة الجيوش ، فأي عذر يرقّع عدم استعمال سلاح المقاطعة وهو سلاح سلمي ؟! .

أميركا وأوربا تستعملان ذات السلاح ، المقاطعة ، ضد ما تسميانه الدول ( المارقة ) على أجنداتهما فقط ، وفي اغلب الأحيان تستخدمان هذا السلاح بصورة لاشرعية ولا أخلاقية ، كما حصل مع العراق منذ 1991 الى 2003 ، وكما يحصل مع قطاع غزة في فلسطين منذ سنوات ،، فلماذا لايقر الحكام العرب لأنفسهم حقا مماثلا ضد من يعربدون دون مسوّغ أخلاقي بدماء أهلهم في العراق وفلسطين ؟! . لماذا يشرعنون لأميركا وأوربا مثل هذا الحق ويشاركون به ولايجدون لأ نفسهم حقا شرعيا في استعماله دفاعا عن النفس ؟! .

يقال ان ثلاثة ترليونات من دولارات الصناديق السيادية العربية في اميركا خسرت ما يقارب ال ( 400 ) مليار دولار في اوائل أيام الأزمة المالية التي ضربت أميركا ، ومن قبيل إدماننا لأحلام اليقظة ينط ّ السؤال : ألم يكن من المجدي لأموالنا السيادية هذه ان توظف بعضها من أجل سيادة دول عربية باعت سيادتها من أجل المال الأمريكي الإسرائيلي فماعادت قادرة على إطعام جياع غزة ولا لاجئي العراق ؟! .

ولانريد لمن يسميهم الغرب ( إرهابيين ) ، لأنهم يدافعون عن حرية واستقلال العراق وفلسطين ، ان يحلموا بدعم مالي قدره ( 400 ) مليار دولار من صناديق أولاد العمومة السيادية التي فقدت سيادتها على نفسها في بلد يشجع كل مايؤدي الى هدم الدول العربية ، ولكن لا ثمن لتعاطي أحلام اليقظة كما ترون الا ّ عندما يتحول الحلم الى مفاجأة حذاء كحذاء منتظر الزيدي يختزل كل الرؤى والأوهام الى فعل رمزي عظيم في هدفه ،على صغر مبناه ، يشعل ثورة .

يقال ان دولا عربية تعمل في العراق على شرذمة العراق ، ويقال ان دولا عربية تتعاطى ذات ( الفضيلة ) في فلسطين ، وفي قطاع غزة حصرا ،، ولايمكن للعربي الذي يتابع الأمر الا ان يقر ويعترف بان هذه الأيادي العربية ( الفضيلة ) تعد ، قطعا وقطعا ، مع أيادي الإسرائيليين والأمريكان فيما يفعلون في العراق وفلسطين ،، مع الإعتراف بأنها اياد ( عربية ) تعيش في وهم مياه الأعداء الباردة ، فيما تمتلئ أيادي أكثر من ( 300 ) مليون عربي بجمر صنّاع الذل ّ ( العربي ) ، إستعارة ، عن عرقية حكام عرب سيجتمعون ويلطشون على أسماعنا وعيوننا مزيدا من قرف بيانات الإستنكار والإحتجاج ،،

وكأننا نجتر ( اللعبة القديمة ) التي ماعادت تجيد غيرها العربية الأمريكية ( حليمة ) .

" مدلس " الأمن الدولي

ــــــــــــــــــــــــــــ

.. ولاخطأ في ( مدلس ) ، على مبنى فعل دلس ، من حيث أنه ( الدولي ) وحده الذي أدمن أن ( يدالس ويوالس ) ، يظلم ويخون ، في كل مايعني قضايا وأمور المسلمين ، والعرب منهم بشكل خاص ، بعد أن دحته ودلسته أميركا بكل قواها لصالح كل ما هو اسرائيلي في كل ما يمنع الأمن ، بعذر ( الأمن ) الدولي ، عن كل ما هو عربي ، وفي كل مكان .

واذا كانت الظلمة من مجنحات الدلس والدلسة ، الخيانة والغش والتزوير ، في مدلس الأمن الدولي ، فلاشك عند مجنونين من عربنا أن ( أولي الأمر ) منا ، ممن تنفتح لهم أبواب هذا المدلس الدولي ونوافذه ، قد واتاهم التأريخ قبل الواقع بنور معرفة أبعاد التدليس الدولي ، الذي يتعاطاه هذا المدلس ، منذ عقود تصب كارثة بين كارثة وكارثة على الوطن العربي ومن أردان وجيوب أبرز ثلاثة من كبار المدلسين الدوليين هم : أميركا وبريطانيا وفرنسا .

ولعل أحقر وأخسّ علامات هذا التدليس هو أن هذه الدول نجحت في وضع قدسية ( ربّانية !! ) سياسية لإسرائيل بملايينها الخمسة مقابل دونية دولية ، واستهانة أممية ، ب ( 1.5 ) مليار مسلم ، وإستباحة دموية لم يحتفظ بها تأريخ هتلر نفسه بأرواح ودماء ( 350 ) مليون عربي ، شاء لهم قدرهم أن تزرع اسرائيل بينهم بقرار بريطاني وتثنية من مدلس الأمن الدولي ذاته الذي شرعن لمستوطن ان يرحل ابن بلد قسرا ، وشرعن لمحتل ان يبيد شعبا ويحارب شعوبا .

واذ ماتناسينا بؤر الدلس التي تزرعها دول الدلس الغربي في الوطن العربي لتفتيت العرب وتدميرهم ، فإن ما هو أحطّ من الدلس ، معنى ومبنى ، أن تقوم أميركا وبريطانيا بغزو العراق دون أن يلجأ مدلس الأمن الدولي الى بنده الحربي السابع لحماية ( 27 ) مليون إنسان من لوثة الدلس التي شرذمت هذا الشعب الى إقطاعيات وممالك لتجار حروب وثق التأريخ كل حقاراتهم ضد الإنسانية في العراق ، فضلا عن تماهل وتدليس متعمد في إتخاذ قرار لوقف الهجمة البربرية ضد جنوب لبنان قبل عامين ، وتماهل مماثل عن محاصرة ( 1.5 ) مليون عربي فلسطيني منذ اكثر من سنة ، والدلس في وقف هجمات اسرائيل على غزة في هذه الأيام ، حتى ترتوي المعدة الإسرائيلية من دماء عرب الجوار .

ومع هذا يحمل ( أولي الأمر ) منا شكاواهم ، على مفارقة المضحك المبكي في ( يا أعدل الناس إلا ّ في معاملتي .. فيك الخصام وأنت الخصم والحكم ) ، كلما إتسعت مقابر أهلنا بفضل دلس الغرب ومجلسه الأمين على اسرائيل ، وكلما ازدادت خيام أهالينا المشردين من جراء دلس قال فيه أولمرت أنه يستغرب ان يطالبه قادة أوربيين بوقف هجومه على غزة بينما يطالبه قادة ( عرب ) بالإجهاز عليها لتسليمها لمحمود عباس ، الخناس الوسواس ، من آل البيت الأبيض وثلاث ورقات اسرائيلية .

مضحكة الهرولة العربية لتدويل هجوم غزة في مدلس الأمن الدولي ، مع أنها تعرّي عربا بلا سند ولا قوة خارج كراسي حكمهم ، يمكن عدّها نكتة عربية ، سمجة ثقيلة الظل ، مزدوجة الإمتياز ، مزدوجة المبنى ، مزدوجة المنبر ، ومزدوجة الرواة في آن :

أولها : أن هذا المدلس الدولي يعرف ان المدّعي ، الضحية ، جاء ليرجو ويتوسّل ويبتهل لمن ظلمه وآذاه وأهانه : مدلس الأمن الدولي ،أن يخفف الظلم ويرقق الأذى ويلّطف الإهانة لعل الشاكي ، المدّعي ، يستعيد آخر قطرة حياء بين أهله الضحايا .

وثانيها : ان المدلس الدولي يعرف أن المبعوثين القادمين إليه ولدوا عربا ولكنهم يعيشون طوعا وإختيارا في غير وادي العرب الذي يناله الأذى منذ عقود على أيادي أصحاب المدلس ذاته .

كما أن التخلّي الطوعي العجيب ــ الأكثر إضحاكا وأعمق إبكاء ــ عن قوة الحق في مايمتلكه الشاكي العربي ، في مقاطعة جناة التدليس الغربي في كل ماأعانهم على إرتكاب جرائمهم ضد العرب ، سواء النفط أو غيره ، هو الذي يشجع كل مدالس الغرب على تجميع قواها في مدلس دولي صار من ( الطبيعي ) في تخومه أن يهان العرب وهم ضحايا ، وصار من المألوف يظهرالعرب في ( كعبته ) : ( جناة ) ، ( ارهابيين ) ، و ( قاصرين متخلفين ) يحتاجون لمن يرعى شؤونهم من دهاليز الغرب وحدها .

أنظروا الى قضايانا العربية كلها تجدون حلّها وربطها بأياد غير عربية لأن ( أولي الأمر ) منا إختاروا انفراديتهم ووحدانتيهم طوعا متخلّين عن سبب القوة الأول في عالم اليوم : الوحدة ! . أنظروا الى قضايانا المصيرية كلها تجدون أوتاد حبالها بأياد ليست عربية ، لأن حكامنا إختاروا كراسي الحكم في القطيعة مع شعوبهم على لحمة قرار واحدة بين الحاكم والمحكوم توفرها : الحرية ! .

والله عيب ياعرب أن نسمع الأجانب يستغربون ذلنا حتى في المطالبة بحقوقنا ! .

والله عيب أن يتظاهر الأجانب من أجلنا ولا نستطيع التظاهر من أجل أنفسنا ! .

والأكثر عيبا وإذلالا أن يبقى حكامنا أسرى ، متطوعين ، في مدلس الأمن الدولي ! .

عام الثور!!

ــــــــــــــــــــ

حسنا يا أولاد العمّ ..!!.

عام الجرذ ( 2008 ) ، حسب توصيفات الشعب الصيني ، الذي صادف عام الحذاء في عراقنا المحتل ّ ، قد ولّى ، ولابد ان حكمة ما للصينيين تطابقت على واقعنا العراقي حيث ( نجح ) الجرذ في تقسيمنا الى خنادق ( غفوة شيعية) و ( صحوة سنية ) ومثلثات ومربعات موت ، ولكنه نال حذاء رنانا طنانا ، مكافأة عمّا فعل ، إختتم عام خدماته الدموية بأشنع الإهانات .

واذا كان مضحك المبكيات في خندق من غفا ، الذي سمّاه الإحتلال ( شيعيا ) لوجود معممّين من ( رجال السلام ) المقربين من حوزتي البيتين الأبيض والأسود في العراق ، فقد إنفكّ إشتباك شيعة غفاة عن شيعة خلّص لعروبتهم ودينهم على حين ضربة حذاء حسمت الأمر بين شيعة مارينز وشيعة نعرف أنهم غيّبوا قسرا عن المشهد لحينما ختم منتظر الزيدي عام الجرذ برنّة حذاء .

وظل من مبكي المضحكات في ( صحوة الريشات ) ، التي وسمها الإحتلال ( سنّية ) ، أنها إرتضت لنفسها وظيفة ربّاطات أحذية لمارينز بوش و ( كيوات ) أيران والكرد ( الكوند ) ، فصارت مثل ذاك الغراب الذي ضيّع المشيتين ، فلاهي باقية بعد رحيل الدبابات الأمريكية على قوائم رواتب العملاء ، ولا نالت ثقة بقيتهم من آل البيتين والثلاث ورقات كوندية ، وصار حبلها أقصر من حبل ضار ناله الجذام .

وظريف عام ( القندرة ) حسب العراقيين ، وعام الجرذ حسب الصينيين ، أن قطار العرب الذاهب بشحنة أمريكية الى بغداد إندلق بين صحوات وغفوات ومثلثات ومربعات عراقية ، إستهجنته كلها ، إما لكره متأصل للعرب ، أو لكره من تخلّى طائعا عن قدر الله في خلقه عربيا تناسى الحق في مساندة اصحاب الحق من أهله وركض ملهوفا لإسناد مصدّات الأحذية التي ذبحت حقيقة العراق في أهله الخلّص لأقدار الله .

حسنا يا أولاد العم ّ ..!! .

إنطفأت نيران ( روافض ) ، ماهم بروافض لغير الإحتلالات المركبة ، و ( نواصب ) لم يناصبوا العداءغير من خانوا عراقهم ، وتلك خيبة أمل للمضبعة الخضراء التي التي أطلقت ثورها المسعور على الجناح الغربي للعراق في غزة . قارنوا ماجرى للفلوجة بما يجري في غزة !! . قارنوا بين صياء جرذان ( المثقفين العرب المارينز ) حين الفلوجة وحين غزة ، تجدونه ذات الصياء المصاحب لذات البربرية الهتلرية !! .

ثيران الإحتلالات التي إبتلي بها وطننا العربي، في فلسطين والعراق ، تحاول في عامها هذا أن توهمنا بأن ماتعقده من إتفاقيات مع عملاء لها في البلدين ملزم للشعب العربي في كل مكان ! . تحاول أن توهمنا بأنها مادامت تمتلك قوة التدمير فإنها باقية رغما عنا ! . ولكن.. ألا تجدون في هذا النمط من التفكير علامات جنون بقر ؟! .. ألم ير أحد منكم زنبورا ، صغيرا لاسعا ، يدفع ثورا للهيجان والجنون ؟! .

هذا هو عام المقاومة العربية بإمتياز أكيد ، لاشك ولاتشكيك به ، على دلالات :

أولها : أن جيش الإحتلال الأمريكي راحل عن العراق بوجود ، او عدم وجود ، إتفاقية أمنية مع عملائه .

ثانيها : الهجوم الدموي الأرعن على غزة يؤكد يأسا اسرائيليا من إستعادتها لحاضنة عباس الخناس الوسواس في ربوع رباعية الجنة والناس .

ثالثها : الوعي القومي المضطرد المضاد لمشروع الشرق الوسخ الجديد .

رابعها : الضغط الشعبي العربي على حكومات الذل ّ ( العربي ) ، وهو ذل ّ حكومات ، وليس ذل ّ الشعب العربي كما تعرف كل الجهات الصديقة والحاقدة على العرب في آن .

حسنا يا أولاد العم ..!! .

الهجوم على غزة هو من قبيل الجعير الإستباقي العسكري النفسي لرحيل قوات الإحتلال عن العراق . عرض قوّة في الوقت الضائع سينتهي بحكم التأريخ وحكم الواقع الى ما إبتدأته المقاومة العربية في فلسطين ، وفي العراق. يظن الإسرائيليون أن خنجرا لصق حبل الوريد من غزة أخطر من خنجر عربي في العراق ، توهمّا بالجغرافيا على الوهم بأنها قاطعة لحبل الودّ والنسب ، موهومون بقطار ( عربي ) مر ّ ببغداد في عام الجرذ الماضي على أمل أن ذات القطار قد يمر ّ يوما بتل أبيب ،

ولكن ..!! .

يكذّب طالع هذا العام فأل : ان قطارات الخونة ستبقى آمنة في مساراتها وفي محطاتها في آن ، لأن العام القادم هو عام النمر ، حسب الصينين ، وعام ال ( ..؟! ) حسب توصيفات العرب .